برزت الدولة العثمانية كقوة عالمية عظمى في منتصف القرن الخامس عشر بعدما نجحت في القضاء على الإمبراطورية البيزنطية وفتح مدينة القسطنطينية.

في نفس الفترة، وبعد 39 عامًا فقط، سقطت الأندلس وانتهى الوجود الإسلامي بشكل نهائي في شبه الجزيرة الايبيرية.

أثناء ذلك، لم يتدخل الجيش العثماني اطلاقًا لإنقاذ الأندلس على الرغم من أنهم كانوا قوى عظمى، فلماذا؟

السبب الرئيسي لماذا لم يتدخل العثمانيون لإنقاذ الاندلس هو البعد الجغرافي الكبير بين أراضي الإمبراطورية العثمانية (الأناضول) وايبيريا.

في ذلك الوقت، كان من الصعب، بل من المستحيل نقل آلاف الجنود برًا من الأناضول إلى شبه الجزيرة الأيبيرية، سواء عبر أوروبا أو شمال أفريقيا.

إضافة الى ذلك، فالعثمانيون لم يمتلكوا أسطولا قويًا يمكنه عبور البحر الأبيض المتوسط ومقاومة أساطيل الدول المسيحية الصغيرة المنتشرة على طول طريقه إلى شبه الجزيرة، وخاصة أسطول البندقية وجنوة.

حتى وإن نجحوا في ذلك، فقد امتلك الاسبان أيضا أسطولا قويا لا يقارن مع الأسطول العثماني البدائي نوعا ما مقارنة بالإسبان الذين اعتمدوا بشكل كبير على سفنهم الشرعية منذ وقت مبكر من القرن الخامس.

الأوروبيين لن يسمحوا اطلاقا بعبور الجيش العثماني برا إلى شبه الجزيرة الايبيرية، أما في شمال افريقيا، وحتى إن سمحت دول المنطقة بذلك، فلا أحد سيضمن بقاء شيء اسمه الإمبراطورية العمانية.

إذا تحركت الجيوش برًا عبر شمال افريقيا، سيستغل الأوروبيون ذلك وسينفذون هجومًا كبيرًا يمكنهم من خلاله بسهولة استعادة القسطنطينية وإنهاء الدولة العثمانية التي تفتقر الى جيش قوي يحميها.

الشيء الوحيد الذي قدمه العثمانيون للأندلس هو إنقاذ البعض من سكانها المسلمين واليهود من جحيم محاكم التفتيش بإرسال السفن التي قامت بعدة مهمات سرية الى شبه الجزيرة.

في هذه الفترة، بدأ العثمانيون في بناء اسطولهم البحري القوي، وفي هذه الفترة أيضا، ظهر بعض من أعظم البحارة المسلمين في التاريخ، وعلى رأسهم الأخوان بربروس.