شهدت مصر طوال تاريخها العديد من المجاعات التي أودت بحياة الآلاف من سكانها، أشهرها بلا شك هي مجاعة سنة 1036.

عرفت هذه المجاعة تاريخيًا باسم “الشدة المستنصرية”، وهي مجاعة استمرت لستة عقود توفي خلالها عشرات الآلاف من المصريين في جميع أنحاء البلاد.

كان مصر في هذه الفترة تحت الحكم الفاطمي، وشهرتها تتمثل في الاهتمام الكبير من المؤرخين بها، وما نقلوه من قصص واخبار عن أكل الناس للقطط والكلاب والقمامة.

كانت هذه المجاعة من أسوأ المجاعات في تاريخ مصر وشمال أفريقيا، ومع ذلك، فهي ليست الأسوأ، فبعدها بقرنين من الزمن، وقعت مجاعة أخرى شديدة في مصر توفي خلال عدد من البشر أكثر بكثير مما قُتل في الشدة المستنصرية.

أسوأ مجاعة في تاريخ مصر كانت مجاعة سنة 1199 التي أودت بحياة 100 ألف إنسان، وهي تاسع أسوأ مجاعة في تاريخ عالمنا العربي من حيث عدد الضحايا.

على عكس الشدة المستنصرية، فنحن لا نعرف سوى القليل جدا عن مجاعة سنة 1199، وكل ما نعرفه نُقل الينا من الرحالة عبد اللطيف البغدادي الذي عايش هذه المجاعة.

عبد اللطيف البغدادي هو رحالة ومؤرخ ولد في بغداد سنة 1162 ألف عددًا من الكتب في حياته، أبرزها هو كتاب “الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة في أرض مصر”.

يحكي البغدادي في هذا الكتاب ما عايشه في مصر خلال سنوات المجاعة الثلاثة، والتي اضطر فيها المصريون إلى أكل لحم البشر للبقاء على قيد الحياة.

يُذكر في الكتاب أن شدة المجاعة قادت الناس الى أكل الأطفال والنساء والضفادع وكل شيء يمكن التهامه، وبالرغم من هول الأمر، إلا أنه لا يزال أمرًا طبيعيًا في مثل تلك الظروف.

اضطر البشر على مر التاريخ في العديد من المجاعات الشديدة على أكل الحيوانات والجيف والبشر الاحياء والاموات (يستخرجون جثثهم من القبور)، وهذا حدث وفقا لبعض المؤرخين في دول عربية أخرى، منها المغرب (في مجاعة البون في أربعينيات القرن الماضي).