قُسمت الإمبراطورية الرومانية في أواخر القرن الخامس للميلاد الى دولتين، الأولى في الغرب عرفت باسم “الإمبراطورية الرومانية الغربية”، والثانية في الشرق عرفت باسم “الإمبراطورية الرومانية الشرقية”.

الإمبراطورية الغربية سرعان ما انهارت بعد التقسيم، أما الإمبراطورية الشرقية، فظلت دولة قوية لعدة قرون، وقد عُرفت لاحقا بـ “الإمبراطورية البيزنطية”.

هذا الاسم ظهر بعد سقوط الدولة، أما قبل ذلك، فقد عرف البيزنطيون بـ “الرومان”، ولهذا السبب لن نجد ذكرا لـ “البيزنطيين” في المصادر الإسلامية القديمة.

على سبيل المثال، عندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة إلى الإمبراطور البيزنطي، وصفه بـ “عظيم الروم” وليس “عظيم البيزنطيين”.

قبل أن نتعرف عن الأباطرة الرومان في عهد الرسول نشير الى أن الأخير وُلد في سنة 571 للميلاد وتوفي في سنة 632.

الأباطرة الرومان في عهد الرسول

حُكمت الإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية) في عهد الرسول من قبل خمسة أباطرة مختلفين، ثلاث منهم من الأسرة الجستينية، وواحد من الأسرة الهرقلية، بينما الأخر لا ينتمي الى أي أسرة (فوقاس).

هؤلاء الاباطرة الخمسة حكموا الإمبراطورية من الفترة من 565 للميلاد حتى سنة 641، وهم:

  1. جستين الثاني: 565 – 578 م
  2. تيبريوس الثاني: 578 – 582 م
  3. موريكيوس: 582 – 602 م
  4. فوقاس: 602 – 610 م
  5. هرقل: 610 – 641 م

تولى جستين الثاني حكم الإمبراطورية في سنة 565 للميلاد، أي قبل نحو ست سنوات من ميلاد الرسول، وقد ظل امبراطورا حتى سنة 578 للميلاد، بعد سبع سنوات من ميلاد الرسول.

الذي تولى الحكم من بعده هو تيبريوس الثاني بين عامي 578 و582 للميلاد، ومن ثم موريكيوس الذي حكم بين عامي 582 و602 للميلاد.

جاء من بعده فوقاس الذي حكم الإمبراطورية بين عامي 602 و610 للميلاد، وخلالها شهدت الإمبراطورية الكثير من الاضطرابات والهزائم العسكرية، فقامت عليه العديد من التمردات.

أكبر هذه التمردات كانت بقيادة هرقل الأكبر، أحد كبار الجنرالات البيزنطيين، وفي سنة 610، نجح ابنه، فلافيوس أغسطس هرقل، في دخول العاصمة القسطنطينية وقطع رأس فوقاس، وفي 5 أكتوبر 610، نصب نفسه امبراطورًا.

1. جستين الثاني

  • الاسم الملكي: فلافيوس أغسطس يوستينوس
  • الميلاد: 520 م
  • الوفاة: 578 م
  • فترة الحكم: 565 – 578 م

ولد جستين الثاني في سنة 520 للميلاد، وكان ابن شقيق جستنيان الأول الذي حكم الإمبراطورية بين عامي 527 حت ىوفاته في 565، فخلفه في الحكم بوصية من عمه حسب كالينيكوس الذي كان الشاهد الوحيد على كلمات جستنيان الأول الأخيرة.

كانت الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت تدفع الجزية للدول الجارة بهدف حماية حدودها وعدم الدخول في حروب جديدة، وعندما استلم جستين الثاني مقاليد الحكم، تخلى عن هذه السياسة ورفض دفع الجزية لجيران الإمبراطورية.

تسبب هذه السياسية في تجدد الحرب بين الرومان والفرس (الإمبراطورية الساسانية)، وكانت نتائجها كارثية على الرومان، كما ان الدول والشعوب الأخرى حاولت غزو أراضي الإمبراطورية، وقد نجحت في ذلك الى حد كبير، وخاصة شعوب الآفار.

يقال أن جستين الثاني أصيب بالجنون في سنواة حياته الأخيرة، وقبل وفاته، أقنعته زوجته، صوفيا، بتبني الجنرال تيبيريوس (تيبريوس الثاني) كابن ووريث له، وقد فعل بالفعل، وفي سنة 578، تنازل عن الحكم لابنه بالتبني، وبعد تسعة أيام فقط، توفي جستين الثاني.

يجدر بالذكر ان جستين الثاني أنجح ولادن مع زوجته صوفيا، فتاة تسمى عربية (Arabia) وابنه يُسمى يوستس (Justus)، والأخير توفي قبل اعلاء والده العرش.

2. تيبريوس الثاني

  • الاسم الملكي: فلافيوس تيبريوس قسطنطين تيبيريوس أغسطس
  • الميلاد: 574 م
  • الوفاة: 582 م
  • فترة الحكم: 578 – 582 م

تولى تيبريوس الثاني حكم الإمبراطورية رسميًا في 26 سبتمبر 578، لكنه كان الحاكم الفعلي للامبراطورية قبل ذلك بفترة بسبب جنون جستين الثاني، وقد اتبع سياسة مختلفة تمامًا عن سلفه، فأعاد العلاقات مرة أخرى مع الافار والفرس ودفع لهم جزية مقابلة دهنة لفترة معينة.

الهدفة لم تستمر كثيرا حتى بدأت الحرب مجددا مع الفرس، وتلقى فيها الرومان خسارة كبيرة، مما دفع تيبريوس الثاني الى تغيير جنراله السابق جستنيان بالجنرال موريكيوس، فقام الأول بمحاولة انقلاب على الإمبراطور بمساعدة صوفيا، لكنه فشله ذلك.

حقق الجنرال الجديد موريكيوس انتصارات جيدة في الحرب ضد الفرس، وفي 13 أغسطس 582، وقبل وفاة الامبراطور تيبريوس الثاني بيوم واحد، قام بتعيين الجنرال موريكيوس كخلفية له في الحكم.

3. موريكيوس

  • الاسم الملكي: فلافيوس موريكيوس تيبيريوس أغسطس
  • الميلاد: 539 م
  • الوفاة: 602 م
  • فترة الحكم: 582 – 602 م

كان موريكيوس اخر الاباطرة البيزنطية من سلالة جستنيان، وقد حكم الإمبراطورية لنحو 20 عاما بين 582 حتى إعدامه في 602، وكانت فترة مزدهرة تميز بانتصارات عسكرية مهمة للغاية على الفرس وباقي الدول الأخرى.

بعد فترة من توليه الحكم، وجد الرومان أنفسهم لأول مرة بعد قرنين من الزمن غير ملزمين بدفع الجزية للفرس، بل وقام بالإغارة على أراضي الفرس وتوسيع أراضي الإمبراطورية، لكن هذه الانتصارات كانت مكلفة للغاية.

لم تحظى سياسات موريكيوس بشعبية كبيرة بين الجيش والشعب بسبب تكلفتها، وفي سنة 602، تمرد الجيش بقيادة الجنرال فوقاس، وعرض على الإمبراطور التنازل عن الحكم وتعيين خليفه له، لكن الأخير رفض ذلك.

في نوفمبر 602، دخل فوقاس العاصمة القسطنطينية وتوج نفسه امبراطورًا، بعد فترة قصيرة، ألقى القبض على موريكيوس مع عائلته، وقد أجبر على مشاهدة اعدام أبنائه الخمسة قبل أن يعدم هو الأخر معهم في 27 نوفمبر 602.

4. فوقاس

  • الاسم الملكي: فلافيوس أغسطس فوقاس
  • الميلاد: 547 م
  • الوفاة: 610 م
  • فترة الحكم: 602 – 610 م

لم يكن فوقاس ذو رتبة عالية في الجيش، لكنه نجح في الاستيلاء على الحكم بسبب شعبيته بين الجنوب الساخطين على الامبراطور السابق، والى جانب ذلك، لم يتمتع فوقاس بالكثير من الحنكة السياسية.

تعامل فوقاس بقسوة مع المعارضين، مما أكسبه الكثير من الأعداء داخل الإمبراطورية، وفي نفس الوقت، استأنفت الدول الجارة هجماتها على الأراضي البيزنطية، بما في ذلك الإمبراطورية الفارسية.

في سنة 608، تمرد جنرال روماني اسمه هرقل الأكبر على فوقاس، وسرعان ما اكتسب دعما واسعا من جميع أنحاء الامبراطورية، ومن اهم الداعمين لهذا التمرد كان ابنه الذي نعرفه اليوم بـ “هرقل عظيم الروم”.

في سنة 610، أبحر ابن هرقل الأكبر الى القسطنطينية ونجح في السيطرة عليها والقبض على فوقاس واعدامه، وأصبح هرقل الأصغر امبراطورا جديدا لبيزنطة، وبعد أيام قليلة، توفي والده هرقل الأكبر.

5. هرقل عظيم الروم

  • الاسم الملكي: فلافيوس أغسطس هرقل
  • الميلاد: 575 م
  • الوفاة: 641 م
  • فترة الحكم: 610 – 641 م

هرقل، والمعروف أكثر بين المسلمين بـ “هرقل عظيم الروم”، هو امبراطور الإمبراطورية البيزنطية بين عامي 610 و641، وهو الامبراطور الذي أرسل إليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رسالته الشهيرة يدعوها فيها للإسلام.

كان هرقل بالفعل قائدًا عظيمًا لما حققه من إنجازات لامبراطوريته، خاصة فيما يتعلق بالحرب مع الإمبراطورية الفارسية التي كانت هي الأخرى يقودها قائد عظيم، كسرى الثاني.

في سنة 627 للميلاد، وبعد سنة واحدة من حصار الفرس الفاشل لمدينة القسطنطينية، حقق هرقل نصرًا عسكريًا حاسما في معركة نينوى أنهى به الحرب الرومانية الساسانية التي استمرت لأكثر من عقدين.

أنهى هرقل الحرب بالفعل مع الرومان، لكن في نفس الوقت، برزت قوة جديدة في المنطقة، وهي دولة الخلافة الراشدة التي فتحت أراضي كلا الامبراطورتين في غرب آسيا وشمال افريقيا.

توفي هرقل في سنة 641 بسبب المرض، أي بعد نحو تسع سنوات من وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.