لفترة طويلة، كانت القرصنة واحدة من أكثر المهن المربحة في العالم، خاصة في ما عُرف بـ “العصر الذهبي للقرصنة” خلال أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، تقريبا بين عامي 1650 و1730.

ساهمت الكثير من العوامل في ازدهار القرصنة في هذه الفترة، بما في ذلك التوسع الاستعماري الأوروبي الذي أدى الى انتعاش التجارة البحرية بين المستعمرات، وكانت السفن الأوروبية عادة مليئة بالسلع الثمينة، وهو ما جذب أنظار القراصنة.

مع أن الأمر قد يبدوا غريبا للبعض، إلا ان العديد من القراصنة كانوا متحالفين مع هذه الإمبراطوريات، وكان يستهدفون سفن الإمبراطوريات المنافسة مقابل بعض المزايا، وطل الأمر كذلك حتى توقفت القوى الكبيرة في استهداف بعضها، وبدأت في العمل معا لقمع القرصنة.

شهدت هذه الفترة بروز عدد كبير من القراصنة الكبار، لاسيما في البحر الكاريبي والمحيط الهندي والهادئ، لكن أيهم هو الأعظم؟ ولماذا؟

فيما يلي نحاول الإجابة على هذا السؤال من خلال عرض تصنيف لأنجح عشرة قراصنة في التاريخ، ونبدأ مع كاليكو جاك.

10. كاليكو جاك

كاليكو جاك

كاليكو جاك، والمعروف أيضا بـ “جون راكهام”، هو قرصان انجليزي كان ينشط في جزر البهاما خلال أوائل القرن الثامن عشر، ومع أن نشاطه استمر لعامين فقط، إلا انه حقق الكثير من الثروة والشهرة خلال هذه الفترة القصيرة.

كان كاليكو جاك يستهدف السفن الصغيرة بشكل رئيسي، وطاقمه كان يتألف من امرأتين، وهو أمر نادر للغاية في ذلك الوقت.

في سنة 1720، قام قرصان أخر بالإمساك به وتسليمه الى الحكومة البريطانية، وفي 18 نوفمبر 1720، تم تنفيذ حكم الإعدام في حقه في مستعمرة جامايكا.

9. ادوارد انجلاند

ادوارد انجلاند

قرصان ايرلندي عمل كجندي خلال حرب الخلافة الإسبانية، وفي سنة 1717، ألقى القرصان كريستوفر وينتر القبض عليه وأجبره على الانضمام الى طاقمه، وهكذا بدأت مسيرة القرصان الذي عرف بـ “القرصان اللطيف”.

كان ادوارد انجلاند نشطًا في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، وقد اشتهر بأسلوبه غير الوحشي مع أطقم السفن التي نهبها، وأحيانا كان يعرض عليهم خيار الانضمام الى طاقمه، ويشار اليه كأحد أكثر القراصنة إنسانية في العصر الذهبي للقرصنة.

بالرغم من ذلك، ولأنه نهب الكثير من السفن، فقد ألقى القبض عليه في سنة 1920 وأدين بالقرصنة، وبعد سنة واحدة في سجنه، توفي متأثرا بمرض مداري.

8. تشارلز فاين

تشارلز فاين

قرصان انجليزي كان يعمل في جزر البهاما في نهاية العصر الذهبي للقرصنة، وقد اشتهر بقسوته الشديدة تجاه أطقم السفن التي استولى عليها، وغالبا ما كان يقوم بضرب وتعذيب وحتى قتل البحارة.

استولى فاين على مجموعة كبيرة من السفن خلال فترة نشاطه القصيرة، وفي 1719، تقطعت به السبل على جزيرة صغيرة حيث تم إلقاء القبض عليه، وفي 22 مارس 1721، حكم عليه بالإعدام، وبعد سبعة أيام، تم تنفيذ الحكم.

7. تشينغ شيه

تشينغ شيه

قرصانة صينية عملت مع زوجها في بحر الصين الجنوبي من الفترة من 1801 حتى 1810، وكانت القائدة للأسطول بعد وفاة زوجها في سنة 1807، وأصبحت كذلك بدعم من ابنها بالتبني، والذي أصبح زوجها لاحقًا.

كان أسطول تشينغ شيه يتألف من حوالي 400 سفينة، ويعمل به ما بين 40 الف الى 50 الف قرصان، وقد كان في حرب مستمرة مع قوى كبرى مثل شركة الهند الشرقية والامبراطورية البرتغالية.

هيمن الأسطول على الملاحة في بحر الصين الجنوبي لأكثر من عقد، ونجح في نهب مجموعة كبيرة من السفن حتى استسلامه في سنة 1810 عندما اشتدت الحرب بين أساطيل تشينغ شيه وأساطيل أسرة تشينغ الحاكمة.

بسبب نجاحها كقرصانة، ولأنها امرأة، تعتبر تشينغ شيه من بين أشهر القراصنة في التاريخ، وقد زادت شعبيتها بعد ظهورها في فيلم “قراصنة الكاريبي: في نهاية العالم 2007”.

6. وليام كيد

وليام كيد

قرصان اسكتلندي ولد في سنة 1654، وعمل في شبابه كجندي في الاسطول البريطاني، وقد تمتع بمكانة بارزة وكان مكلفًا بحماية المصالح الإنجليزية في أمريكا الشمالية وجزر الهند الغربية.

تم تكليف كيد في سنة 1696 بمطاردة القراصنة في المحيط الهندي، لكن مهمته فشلت، ليتحول بعدها الى القرصنة والاستيلاء على السفن الشرعية لتغطية تكاليف رحلاته.

في 30 يناير 1698، نجح في الاستيلاء على سفينة محملة بـ 400 طن من السلع، بما في ذلك كميات كبيرة من الذهب والفضة، وهي واحدة من أكبر عمليات القرصنة البحرية في التاريخ.

ألقى القبض على كيد في سنة 1701، وأدين بتهمة القرصنة وحكم عليه بالإعدام، وفي 23 مايو 1701، تم تنفيذ الحكم في مدينة لندن.

5. جان لافيت

جان لافيت

قرصان فرنسي عمل في  خليج المكسيك في أوائل القرن التاسع عشر مع شقيقه بيير لافيت، وعلى عكس باقي القراصنة، كان يُنظر اليه كبطل قومي في الولايات المتحدة.

شارك لافيت في معركة نيو أورلينز المحورية بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وحصل على أثرها على حماية شبه رسمية من الحكومة الأمريكية، وحتى أنه حصل على اعتراف من الجنرال أندرو جاكسون (الرئيس الأمريكي السابع).

جمع لافيت ثروة كبيرة من نهب السفن، خاصة الإسبانية، ولا يُعرف سوى القليل جدا عن حياته وعملياته، ويقدر البعض أن دخله السنوي كان يبلغ 38 مليون دولار بأرقام اليوم.

هناك الكثير من الشائعات حول لافيت، لاسيما بعد معركة نيو أورلينز، وأشهرها هي التي تربطه بالإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت.

تزعم الشائعة أن لافيت أنقذ بونابرت من منفاه في جزيرة سانت هيلينا ونقله الى مدينة لويزيانا الأمريكي حيث عاشا هناك حتى وفاتهما.

4. هنري مورغان

هنري مورغان

قرصان ويلزي كان أحد القرصان المتعاقدين مع الحكومة البريطانية لمهاجمة السفن والمستوطنات الإسبانية في منطقة البحر الكاريبي، وكان يتخذ من مدينة بورت رويال (من أشهر وأكبر المدن في العالم أنداك) مقرا له ولعملياته.

على الرغم من حقيقة أنه قرصان، إلا انه حصل على أوسمة من التاج البريطاني وتم تعيينه لاحقا حاكمًا لجامايكا، وذلك بسبب دوره الكبير في الصراع بين البريطانيين والاسبان.

أشهر عمليات مورغان على الإطلاق كانت على مدينة بنما في سنة 1671، وقام بها بجيش من القراصنة نجحو خلالها في نهب المدينة، ومع أنها كانت ناجحة، إلا أنها لم تكن الأكثر ربحية بالنسبة له.

العملية الأكثر ربحية التي قام بها مورغان كانت الاغارة على بورتوبيلو في سنة 1667، ولم ينجح خلالها في نهب المدينة فحسب، بل أيضا الحصول على فدية ضخمة مقابل عدم احراقها.

3. سام بيلامي

سام بيلامي

صامويل بيلامي، والمعروف أكثر بـ “سام بيلامي” أو “بلاك سام”، هو قرصان انجليزي يعتبر من أغنى وأنجح القراصنة في التاريخ، وهو أحد اهم شخصيات العصر الذهبي للقرصنة.

بدأ بلاك سام حياته كقرصان في سنة 1716 بعدما انضم الى طاقم بنيامين هورنغولد، والأخير يعد بدروه أحد اشهر قراصنة العصر الذهبي، وبعد الإمساك بقائد الطاقم، تم انتخاب بيلامي قبطانًا جديدًا.

سرعان ما اكتسب بيلامي سمعة كبير بين قراصنة المحيط الأطلسي، بنجاحه في نهب العديد من السفن وجمع ثروة هائلة، وبفضل معاملته الحسنة لطاقمه مقارنة بالقراصنة الأخرين، فقد لٌقب بـ “روبن هود البحار”، ولقب رجاله أنفسهم “رجال روبن هود”.

نهب بيلامي 53 سفينة، وجمع ثروة تقدر بأكثر من 120 مليون دولار بأرقام اليوم، وهذا رقم ضخم لقرصان لم تدم حياته كقرصان لأكثر من عام.

2. بلاكبيرد

بلاكبيرد

بلاكبيرد أو اللحية السوداء، هو أحد أشهر وأنجح القراصنة في التاريخ، وهو قرصان انجليزي كان يعمل في الكاريبي في جزر الهند الغربية والساحل الشرقي لأمريكا الشمالية.

تمتع بلاكبيرد بمظهر مخيف، وسمي بـ “اللحية السوداء” بسبب لحيته السوداء الكثيفة، أما اسمه الحقيقي، فهو “إدوارد تيتش”، ولا يُعرف انه كان يفرط في استخدام العنف او التعذيب.

بدلا من العنف، استخدم بلاكبيرد مظهره لإخافة الناس، وحتى أنه قام بإضافة أسلاك بطيئة الاحتراق الى لحيته لتبدوا وكأن الدخان ينفث منها كما يظهر في الصورة أعلاه، مما أضاف له مظهرا شيطانيا.

استمرت مسيرة اللحية السوداء كقرصان لعامين فقط، ومع قصرها، إلا أنها كانت مليئة بالنجاحات، وأشهر عملياته كان حصار ميناء تشارلستون بولاية ساوث كارولينا في سنة 1718.

1. بارثولوميو روبرتس

بارثولوميو روبرتس

بارثولوميو روبرتس، والملقب بـ “بارت الأسود” أو “بلاك بارت”، هو قرصان يُعتبر الأكثر نجاحًا في العصر الذهبي للقرصنة، ويعتبره الكثيرون الأنجح في التاريخ، ولا يعرف أن هناك قرصان أخر نهب سفنا أكثر منه.

لا يعرف بدقة كم عدد السفن التي نهبها روبرتس، لكن التقديرات تتراوح من 400 الى 470 سفينة، وهذا رقم كبير مقارنة بمسيرته القصيرة كقرصان، والتي امتدت لثلاث سنوات من 1719 حتى مقلته في 1922.

كان روبرتس في الأول مجرد جزء من طاقم يقوده الكابتن هاول ديفيس، وبعد مقتل الأخير، تم انتخابه قائدًا جديدًا، وقد تميز بدهائه وقسوته وطريقته المبتكرة في القيادة.

يُنسب الى روبرتس الفضل في ابتكار ما عرف بـ “مدونة القراصنة”، وهي عبارة عن قوانين وقواعد تنضم عمل القراصنة تحت قيادته، وسمحت لهم أيضا بالمشاركة في صنع القرار والحصول على مزيد من الحصص من الغنائم.

في 10 فبراير 1722، أصيب روبرتس بطلق ناري في حلقه أثناء وقوفه على سطح السفينة خلال معركة بحرية، وتحقيقًا لرغبته، ألقي بجثته في البحر.