في سنة 327 قبل الميلاد، توجه جيش الاسكندر الأكبر الى الهند بهدف غزو إمبراطورية ناندا التي حكمت آنذاك معظم شمال وشمال غرب شبه القارة الهندية.

قبل بلوغه هذا الهدف، كان الاسكندر مجبرًا على العبور عبر مجموعة القبائل الصغيرة الواقعة شرقي إمبراطورية ناندا، منها مملكة تاكسيلا.

وافق حاكم تاكسيلا على عرض الاسكندر الأكبر وأصبح حليفًا له دون قتال، فتوجه بعد ذلك جنوبًا الى دولة قريبة يحكمها ملك عُرف في المصادر اليونانية باسم “بورس”.

رفض هذا الأخير بعثات الاسكندر الدبلوماسية، مما أدى الى معركة هيداسبس الشهيرة، والتي وقعت في 326 قبل الميلاد على ضفاف نهر جيلوم (يعرف هذا النهر في المصادر اليونانية باسم نهر هيداسبس).

ما قبل بداية المعركة

التقى الجيش المقدوني بالجيش الهندي عند ضفاف نهر جيلوم الذي فصل بين الجيشين، فكان من المستحيل أن يعبر أحدهما النهر الى الجهة الأخرى.

لم تكن لدى بورس أي خطط للعبور الى الجهة المقابلة للنهر، وبدلا من ذلك، أراد فقط صد أي محاولة من الجيش المقدوني لعبور النهر.

كان النهر عميقًا، وأي محاولة من الجيش المقدوني لعبوره من المحتمل أن تقضي عليه، وخاصة وأنها ستواجه في الجهة المقابل سلاحًا جديدًا، الأفيال.

افترض بوروس أن الجيش المقدوني سيُعسكر في الموقع لعدة أشهر، لكن الاسكندر لم يكن لديه كل الوقت لذلك.

بعد فترة، ترك الاسكندر مجموعة من جنوده في المعسكر المقابل للجيش الهندي وانطلق باتجاه الشمال الغربي حيث وجد طريقًا عبر من خلاله النهر دون أن يلاحظه أحد.

لم ينتبه الجيش الهندي لهذه الخطوة إلا بعد عبور المقدونيين للنهر، فأرسل بورس جيشًا صغيرًا يتألف من 3000 فرسان وحوالي 120 عربة بقيادة ابنه.

لم يتحرك الاسكندر بعيدًا عن النهر بعد عبوره، وظل منتظرًا قدوم الجيش الهندي، وهذا ما حدث بالفعل.

كان مع الإسكندر حوالي 40 ألف من المشاة، و7 آلاف فارس، أما بورس، فقد كان معه 35 ألف من المشاة، و400 فارس، و200 فيل.

أحداث معركة هيداسبس

استخدم الاسكندر في هذه المعركة نفس الأسلوب السابق في التركيز على الاجنحة واضعافها، ومن ثم الهجوم على قلب الجيش من الجانبين وتطويقه، وهذا الأسلوب كان ناجحًا للغاية في معركة هيداسبس.

تركزت قوة جيش بورس في الوسط حيث كانت الفيلة، وهذه الأخيرة، تعرضت لقصف شديد من رماة الخيول وسرعان ما فقد الهنود السيطرة عليها وكان ضرر البعض منها أكثر من نفعها.

إضافة الى ذلك، فالجيش الهندي لم يكن جيشًا دائمًا ولا مدربًا، وكان سلاحه رديئًا مقارنة بالسلاح المقدوني، فلم تكن لديه الدروع المعدنية، ولم تكن لديه سيوف قوية كما لدى المقدونيين.

بعد معركة عنيفة، قُتل من الجانب الهندي حوالي 12 ألف رجل مقابل 1000 مقدوني فقط.

بعد موقعة هيداسبس، أحضر الملك بروس الى الاسكندر الاكبر فسأله عن الطريقة التي يريد أن يعامل، فأجابه: “عاملني كما يعامل الملوك”.

قبل هذا الحوار، كان الإسكندر قد أعجب بشدة بالملك بروس الذي قاتل بشجاعة حتى النهاية، فقرر أن يعفو عنه وأن يعيد اليه أراضيه مع أراضي أخرى.

جدير بالذكر ان حصان الاسكندر المحبوب “بوسيفالوس” أصيب في هذه المعركة، وهو الحصان الذي رافقه منذ أن كان في الثالثة عشر من عمره.