تعرضت الإمبراطورية الرومانية طوال تاريخيها للعديد من الهزائم خلال حروبها مع الفرس والقبائل البربرية الشمالية وكذلك مع قرطاجة.

حديث هذا لا يشمل روما الإمبراطورية فحسب، بل روما منذ تأسيسها كمدينة في القرن الثامن قبل الميلاد، بما في ذلك روما الجمهورية.

أشهر هذه الهزائم، كانت الهزيمة في معركة كاناي التي تعد أسوأ وأكبر هزيمة في التاريخ الروماني من حيث عدد الخسائر البشرية.

لمحة عن معركة كاناي

كان معركة كاناي جزءًا من الحرب البونيقية الثانية بين قرطاجة وروما، وقد سميت بهذا الاسم نسبة الى قرية كاناي (تقع اليوم في جنوب شرقي إيطاليا) حيث التقى الجيشان في 2 أغسطس 216 قبل الميلاد.

خلال هذه المعركة، كانت روما لا تزال جمهورية ولم تصبح بعد امبراطورية.

حشد الرومان لهذه المعركة حوالي 86 الف جندي بقيادة جايوس ترينتيوس فارو لتعويض خسائرهم في معركة تريبيا (218 ق.م) ومعركة بحيرة ترازيميني (217 ق.م).

في المقابل، ضم الجيش القرطاجي 50 ألف جندي يقوده حنبعل الذي سيثبت نفسه في هذه المعركة كأحد أعظم القادة العسكريين في التاريخ.

تكون الجيش القرطاجي من 40 الف من المشاة و10 آلاف فارس، أما الجيش الروماني، فقد تكون من 80 ألف من المشاة و6 آلاف من الفرسان (واحد من أكبر الجيوش الرومانية التي حشدت يومًا لمعركة واحدة).

تفاصيل المعركة

استخدم الرومان في هذه المعركة تكتيكهم التقليدي بوضع المشاة في القلب وسلاح الفرسان على الجانبين والتركيز على الوسط بأمل اختراق مركز خط جيش حنبعل بأقصى سرعة ممكنة.

توقع حنبعل حدوث ذلك ووزع جيشه بتكتيك غير تقليدي على شكل هرم تكون مقدمته باتجاه الجيش الروماني “∧”.

وضع حنبعل أضعف قواته في المقدمة، وسلاح الفرسان في موقعه التقليدي في أقصى اليمين واليسار.

مع بداية المعركة، اندفع الجيش الروماني نحو قلب الجيش القرطاجي، وشيئًا فشيئًا، بدأ المركز القرطاجي يتراجع ببطء للخلف.

هذا التراجع ربما كان جزءًا من خطة هانيبال لإعطاء الرومان المزيد من الثقة والاندفاع أكثر نحو قلب الجيش القرطاجي، لكن البعض من المؤرخين يرون أن هذا التراجع كان شيئًا طبيعيًا تقوم به كل جيش مهزوم.

من جهة أخرى، ظل جناحًا الجيش القرطاجي في موقعها، بل وتقدما الى الامام ليصنعا كماشة حول الجيش الروماني مع دخول الليبيين (ظلوا خارج القتال حتى هذه اللحظة) الى المعركة وهاجموا الجناحين الأيمن والأيسر للفيلق المتقدمين.

شيئا فشيئا، قام هانيبال بتدوير جيشه والانقضاض على الجيش الروماني الذي أصبح محاصرا في الوسط في واحدة من أكبر الحصارات في التاريخ العسكري على أرض المعركة.

حاصر هانيبال أثناء ذلك أكثر من 70 ألف جندي روماني، وخلال ما تبقى من المعركة، ارتكب الجيش القرطاجي واحدة من أكبر المجازر في التاريخ وقام بالفتك معظم الجيش الروماني المنهك والمحاصر.

بحلول نهاية المعركة، كان الرومان قد فقدوا 48 ألف رجل، واسر منهم حوالي 19.3 ألف جندي، أما الجيش القرطاجي، فلم يفقد سوى 5.7 ألف رجل.

لهذا السبب، يطلق بعض المؤرخين على هذه المعركة اسم “مذبحة كاناي” أو “مجزرة كاناي”.