كانت معركة زاما واحدة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ، وبكل تأكيد، المعركة التي حسمت مصير حوض المتوسط والعالم لما يقرب من ثمانية عقود لاحقة.

وقعت المعركة في سنة 202 قبل الميلاد في شمال افريقيا في تونس الحالية بين الجيش الروماني بقيادة سكيبيو الإفريقي والجيش القرطاجي بقيادة حنبعل.

هذا الأخير غني عن التعريف، وانجازاته العسكرية السابقة، وخاصة في معركة كاناي، تثبت أنه أحد أعظم القادة العسكرية في التاريخ.

الأول، سكيبيو الإفريقي، لم ينصفه التاريخ كثيرًا، على الرغم من أنه الرجل الوحيد الذي هزم حنبعل في ساحة المعركة.

قبل معركة زاما، كان سكيبيو قد أمضى سنوات طويلة يدرس خطط وتكتيكات حنبعل، لا سيما خلال معركة كاناي، ونفس الأساليب التي تعلمها من معارك حنبعل استخدمها في معركته ضده.

لهذا السبب يشير الكثير من المؤرخين الى هذه المعركة بأنها كانت “معركة التلميذ مع أستاذه”.

كان هناك احترام متبادل بين القائدين، وقد التقيا بالفعل قبل المعركة منفردين، لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق، ليعود كل منهما الى جيشه استعدادا للمعركة الحاسمة في الحرب البونيقية الثانية.

أحداث معركة زاما

التقى الجيشان في 19 أكتوبر 202 قبل الميلاد، جيش روماني قوامه 35 الف رجل (29 ألف من المشاة و6.1 ألف من سلاح الفرسان)، وجيش قرطاجي قوامه 40 ألف رجل (36 ألف من المشاة و4 آلاف من الفرسان).

هذه كانت ربما المرة الأولى التي يفوق فيها الجيش القرطاجي الجيش الروماني في عدد الرجال، إضافة الى ذلك، فقد كان الجيش القرطاجي مجهزا بنحو 80 فيلًا.

رتب حنبعل جيشه على شكل ثلاثة صفوف من المشاة يحميه سلاح الفرسان من الجناح الأيمن، والنوميديان من الجناح الأيسر، وفي مقدمة الجيش فيلة الحرب.

رتب سكيبيو جيشه في ثلاث صفوف متقاربة كلها مصممة للتعامل مع الفيلة، فبدلا من مواجهة، يفتح الجيش طريقا واسعة للفيلة لتكمل طريقها، وهذا ما فعلته بالفعل.

أصدر سكيبيو أمرا لعازفي الأبواق بإصدار أصوات عالية مع اقتراب الفيلة منهم، ويبدوا أن البعض منها قد أصيبت بالذكر، وعادت نحو سلاح الفرسان القرطاجي.

تسبب الفيلة في فوضى بين سلاح الفرسان، وقد استغل الرومان ذلك لتوجيه هجوم مباغت على جناح القرطاجيين، بل وقاموا بطرد سلاح الفرسان خارج أرض المعركة.

هُزم سلاح الفرسان القرطاجي، وأصبحت المعركة محصورة بين المشاة، وهذا لعب لصالح الرومان الذين كانوا مدربين على القتال كوحدة واحدة، ومجهزين بدروع قوية وسيوف طويلة وحادة.

أثناء ذلك، عاد سلاح الفرسان الروماني الى أرض المعركة وحاصر الجيش القرطاجي في الوسط تماما كما حدث معهم في معركة كاناي.

حصل الرومان في هذه اللحظة على فرصة للانتقام، وبالفعل، قاموا بارتكاب مجزرة، وبحلول نهاية المعركة، كانت قرطاجة قد فقدت أكثر من 20 ألف رجل، أي نصف الجيش.

فر حنبعل من أرض المعركة بعدما تأكدت الهزيمة وأعلن استسلامه منهيًا بذلك الحرب البونيقية الثانية.