كانت الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث على حافة الهاوية نتيجة لسلسلة من الأزمات التي تعرضت لها بين عامي 235 و284 للميلاد فيما عُرف تاريخيًا بـ “أزمة القرن الثالث“.

بدأت هذه الفترة بعد اغتيال الامبراطور ماكسيمينوس، فتولى من بعده الحكم عددًا من الاباطرة والمغتصبين، بمن فيهم فاليريان الذي يعد من أشهر الاباطرة في تاريخ روما.

من هو فاليريان؟

فاليريان هو امبراطور روماني وصل الى الحكم في سنة 253 للميلاد بعد مقتل الإمبراطور إميليانوس الذي حكم لمدة 3 أشهر فقط.

مباشرة بعد تعيينه امبراطورًا، قام فاليريان بتوطيد سلطته وتعيين ابنه جالينوس وريثًا للعرش، وقام يتوليته قائدا للجيش الروماني المدافع عن الإمبراطورية من هجمات القوط.

في المقابل، سار فاليريان بجيش أخر باتجاه الشرق لمواجهة قوات الإمبراطورية الساسانية الفارسية.

حقق القائد الروماني نجاحات عظيمة في الشرق في بداية حملته عززت سمعته في العاصمة، وخاصة استعادة مدينة أنطاكية.

قبل ذلك، كان فاليريان قد عمل على اضطهاد المسيحيين وإجبارهم على تقديم القرابين للآلهة الرومانية، وقد قُتل في هذه الفترة الكثير من رجال الدين الذين تمسكوا بدينهم، بمن فيهم القديس برودنت والبابا سيكستوس الثاني والقديس لورانس وغيرهما الكثير.

معركة فاليريان مع الفرس

أدى انتشار الطاعون في سنة 259 للميلاد الى اضعاف الجيش الروماني الذي كان مع الإمبراطور فاليريان، وقد استفاد الفرس كثيرًا من ذلك.

في سنة 260، بدأ الفرس، بقيادة ملكهم سابور الأول، حملة عسكرية على الأراضي الرومانية، ولم يكن الغرض منها احتلالها، بل لجأ إلى النهب والسلب وجمع الثروات من المدن.

بعد فترة قصيرة، تواجه الجيشان على أرض المعركة حيث أباد الساسانيون القوات الرومانية تمامًا في واحدة من أشهر وأكبر أزمات القرن الثالث.

تمكن الساسانيون في هذه المعركة من أسر الامبراطور فاليريان، وهي أول مرة في التاريخ ينجح فيها الفرس في أسر إمبراطور روماني.

نهاية فاليريان البشعة

تعرض فاليريان لأشد أنواع الإهانات خلال أسره، ووفقا للمؤرخ الروماني لاكتانتيوس، فقد إستخدم كمسند لقدمي الملك الفارسي عند ركوب حصانه وتمت معاملته كعبد ذليل.

وفقا لنفس المؤرخ، فقد عرض فاليريان فدية ضخمة مقابل إطلاق سراحه، لكنه لم ينجح اقناع الفرس.

هناك روايات أخرى تحكي عن أيام فاليريان بطرق مختلفة، منها رواية المؤرخ الروماني الآخر أوريليوس فيكتور التي تشير إلى أن فاليريان قضى أيامه الأخير في قفص.

قُتل فاليريان بعد فترة من أسره، ومرة أخرى، اختلف المؤرخون في الطريق التي قُتل يها، وأشهر هذه الرواية تقول أنه أُجبر على ابتلاع الذهب المصهور.

وفقا لرواية أخرى، فقد تم تجريده من الملابس وسلخه حيًا حتى الموت.

هل حقا هذه الروايات صحيحة؟

يجب الإشارة الى أن بعض المؤرخين يرفضون كل الروايات السابقة.

بعض الروايات، وخاصة الحديثة منها، تقول أن الملك الفارسي أرسل فاليريان الى مدينة صغيرة مع مجموعة من جنوده حيث عاش تحت الحراسة في ظروف جيدة تليق بالملوك.

الروايات الأولى التي ذكرناه جاءت من مؤرخين مسيحيين كانت لهم رغبة في تصوير نهاية مناسبة تليق بالمضطهد، وأن أسره ونهايته كان عقابًا إلهيًا.

لا يمكن تكذيب الروايات الأولى بكل تأكيد، لكن لا يمكن أيضا تصديقها لأنها لم تأتي من مصادر محايدة.

مقالات ذات صلة