خاض الاسكندر الأكبر عددا من المعارك الملحمية طوال الاثنى عشر عامًا التي حكم خلالها مملكة مقدونيا بين عام 336 قبل الميلاد حتى وفاته في 323 قبل الميلاد.

بفضل تكتيكاته العسكرية ودهائه وعبقريته، لم يخسر الاسكندر أي من معاركه، حتى في تلك التي واجه فيها جيوشًا فاقت جيشه عددًا بأضعاف، مثل الجيش الفارسي بقيادة الملك داريوس الثالث.

هذا الأخير كان رجلا ذكيًا، وربما جبانًا، فقد هرب من ساحة المعركة مرتين أمام الإسكندر تاركًا جيشه وراءه، بل أنه تارك زوجته ووالدته في معركة أسوس.

لهذا السبب، وعلى الرغم من أن داريوس كان العدو الرئيسي للإسكندر، إلا أنه لم يكن ذلك الشخص المثير للإعجاب، خاصة إذا قارناه بخصوم الاسكندر الآخرين، وعلى رأسهم الملك بورس.

من هو الملك بورس؟

لا يُعرف سوى القليل جدا عن الملك بورس قبل لقائه بالإسكندر الأكبر، وجميع المعلومات حوله تأتي من المصادر اليونانية.

من المعروف أن بورس كانا ملكًا هنديًا حكم المنطقة بين نهري جيلوم وتشيناب الواقعة في شمال الهند وباكستان.

ضمت هذه المنطقة حوالي 300 مدينة دولة، وقد كانت من المناطق الغنية في شبه القارة الهندية جنبا الى جنب مع دولة تاكسيلا المجاورة.

تم استقبال الإسكندر الأكبر في دولة تاكسيلا كحليف، لكنه لم يحظى بنفس المعاملة من بورس الذي رفض كل بعثات الاسكندر الدبلوماسية، وهذا ما أدى الى معركة هيداسبس.

كان هدف الاسكندر من هذه الرحلة بلوغ أراضي امبراطورية ناندا، وكان عليه قبل ذلك العبور عبر دولة بروس.

بورس في مواجهة الاسكندر

التقى جيش بورس وجيش الاسكندر الأكبر على ضفاف نهر جيلوم (عُرف هذا النهر عند اليونانيين باسم هيداسبس) في منطقة البنجاب سنة 326 قبل الميلاد.

لا يعرف بدقة عدد جنود كل من الإسكندر وبروس، لكن بعض التقديرات تشير الى أن عدد الجيشان كانا متقربان للغاية.

استخدم الاسكندر في هذه المعركة، والمعروفة باسم معركة هيداسبس، تكتيكه المألوف في مهاجمة الأجنحة بجناح الفرسان، ومن ثم مهاجم الوسط حيث تركزت قوة الجيش الهندي.

في المقابل، اعتمد الملك بروس على شجاعة جنوده وسلاح الأفيال (حوالي 200 قيل).

بعد قتال عنيف، نجح الإسكندر في اجتياح الجيش الهندي من الجانبين، وبحلول نهاية المعركة، قُتل نحو 12 ألف هندي مقابل 1000 مقدوني.

على الرغم من الفارق الكبير في عدد الضحايا، الا ان عدد قتلى الجانب المقدوني يفوق بأضعاف باقي معاركه السابق بقيادة الاسكندر، وهذا كان من الأسباب الرئيسية لتوقف الحملة في الهند.

لم يكن لدى جيش بورس نفس الأسلحة المتطورة كما جيش الاسكندر، فقد افتقر للدروع المعدنية، وسيوفه كانت رديئة مقارنة بما لدى المقدونيين.

إضافة الى ذلك، فالجيش الهندي لم يكن بكفاءة الجيش المقدوني المدرب والدائم.

تحكي المصادر اليونانية أن الاسكندر أعجب بشدة بشجاعة بوروس الذي قاتل حتى النهاية، وبعد المعركة، تم إحضاره أمام الإسكندر، فسأله الأخير كيف يريد أن يُعامل، فأجاب بورس: “مثل الملوك”، وبالفعل، فقد عامله الإسكندر كذلك.

قرر الاسكندر أن يعفوا عن بورس وأن يعيد إليه أراضيه، بل وأضاف الى حكمه أراضي أخرى.